نوفمبر 22, 2022

بودفست دبي يستعرض آفاق تطوير صناعة المحتوى الصوتي

استعرض المشاركون في الجلسات التي عقدت ضمن النسخة الثانية من "بودفست دبي" تحت رعاية سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس دبي للإعلام، أوضاع ومستقبل المحتوى الصوتي العربي وذلك بمشاركة العديد من أهم وأبرز صناع البودكاست وبحضور عدد من ممثلي مؤسسات إقليمية متخصصة في صناعة البودكاست والتدوين الصوتي وجمع من الإعلاميين والمهتمين بهذه الصناعة في المنطقة.

وشهد الحدث الأول من نوعه في المنطقة المعني بقطاع البودكاست والذي نظمه نادي دبي للصحافة بمقره في وان سنترال- مركز دبي التجاري العالمي، وعلى مدار يوم واحد مناقشات جادة من خلال جلسات نقاشية تم خلالها فتح الباب لجميع المشاركين للإدلاء بأفكارهم وتصوراتهم حول واقع ومستقبل صناعة المحتوى الصوتي أو "البودكاست" في المنطقة العربية.

وأكد المشاركون في تلك الجلسات على ضرورة الاهتمام بهذه الصناعة من خلال توفير التمويل اللازم لها ورصد المقومات اللازمة لتحفيز نمو المحتوى الصوتي وتوسيع نطاق متابعيه بما يسهم بقوة في النهوض بهذا الشكل الإعلامي الجديد، فضلا عن ضرورة العمل على تعزيز التواجد العربي فيه من خلال محتوى رفيع الجودة وذي مردود إيجابي على المجتمعات العربية، وأهمية العمل على إيجاد مساحة أكبر لنمو هذه الصناعة في العالم العربي.

التمويل
وتناول المشاركون في جلسة “الاستدامة المالية وآفاق تطوير البودكاست عربياً" موضوع التمويل وكيفية التخطيط السليم لتأمين الموارد المالية اللازمة لنجاح البودكاست وتأكيد قدرته على المنافسة وتحقيق الاستمرارية، وذلك بمشاركة مجموعة من أبرز المعنيين بالقطاع وهم: عمار الصبان، مؤسسة شبكة "مستدفر"، وفيصل العقل، مقدم بودكاست "بدون ورق"، وسالم بشير ، مؤسس شبكة قاف ومقدم بودكاست "قفير"، والدكتورة أفنان الغامدي مقدمة " "كنبة السبت" وأدارت الحوار صفية الشحيّ.

وشهدت الجلسة مناقشات بناءة ومبتكرة تركزت حول ضرورة العمل على توفير التمويل اللازمة لهذه الصناعة الرقمية الجديدة في ظل النمو السريع لقطاع البودكاست عالميا وتحوله إلى صناعة ذات مردود اقتصادي كبير تواكب وتيرة التحول العالمي المتسارع نحو البيئة الرقمية.

كما دعا المشاركون في الجلسة إلى ضرورة مواجهة التحديات المرتبطة بالاستثمار في صناعة البودكاست العربي وكيفية الاستفادة من الخبرات التسويقية والترويجية المتوفرة في العالم العربي لتحقيق إيرادات وربحية من هذه الصناعة، وكذلك العمل على توفير التسهيلات والمزايا المقدمة لصناع البودكسات العرب ، لاسيما وأن البودكاست في العالم العربي يعتمد أساسا على جهود فردية، ومشاريع شبابية، ومستهلكين ومنتجين من جيل الشباب.

وخلال الجلسة اتفقت أراء المشاركين حول مدى أهمية التمويل كأولوية لدعم منصاتهم ومشروعاتهم المتعلقة بالبوكاست، حيث اعتبرت الدكتورة أفنان الغامدي أن نجاح البودكاست لا يعتمد على التمويل في مراحله الأولى، حيث يعتمد الأمر في تلك المرحلة على جودة المحتوى الصوتي ومدى تفاعل الجمهور معه، ثم تأتي بعد ذلك عملية استقطاب المستثمرين والشراكات المالية والتي تعتمد بشكل رئيسي على مدى النجاح الذي حققه "البودكاسترز" على منصته، فيما اتفق معها في الرأي عمار الصبان، الذي اعتبر أن الإبداع يجب أن يأتي أولاً، حتى يتم إقناع المستثمرين والجهات التمويلية بالشراكة المالية، فيما رأى فيصل العقل أنه لابد من التركيز أولا على المحتوى قبل التفكير في أي تمويل، مشيرا إلى أن جودة المحتوى الصوتي هي شرط النجاح. واعتبر سالم بشير أنه لابد من بناء محتوى جيد قبل التفكير في الربحية أو التمويل.

واتفق جميع المشاركين على ضرورة العمل على استقطاب العلامات التجارية المعروفة والرعاة وتنويع المحتوى بهدف التغلب على التحديات التي تواجه "البودكاسترز" العرب، بهدف تعزيز نمو سوق هذه الخدمة الإعلامية الجديدة ودعم فرص انتشاره والارتقاء به وتحفيز تصورات جديدة لكيفية تعزيز صناعة البودكاست في المنطقة، وتحويله إلى منتج احترافي من خلال محتوى رفيع الجودة وذي مردود إيجابي على المجتمعات العربية.

مقومات النجاح
وفي جلسة عنوانها "مقومات نجاح البودكاست في عالم سريع التغيُّر" تحدث المشاركون عن السبل الكفيلة بالنهوض بالبودكاست في المنطقة العربية والانطلاق به نحو آفاق أوسع ودعم فرص انتشاره والارتقاء به واستكشاف متطلبات تعزيز المحتوى الصوتي في العالم العربي والعوامل التي من شأنها استقطاب الجمهور إلى هذه الصناعة الرقمية الإعلامية الجديدة. وقدم المشاركون في الجلسة بعض النصائح والأساليب التي تساعد في زيادة حجم جمهور البودكاست في المنطقة العربية عبر إيجاد منظومة موحدة لترسيخ قواعد هذه الصناعة، والمساهمة في تبادل الخبرات وتنمية المهارات، لتمكين صناعة "البودكاست" الصاعدة بقوة في منطقة الشرق الأوسط من النمو على أسس سلمية وقوية.

شارك في الجلسة كل من رمزي تسدل، مُقدم بودكاست "صوت ميديا"، وحسين بالعباس، مقدم بودكاست "اصغي"، ولولو الخازن، مقدمة بودكاست "حديث مع لولو"، ولمياء سلطاني، من "نكست برودكاست ميديا" – – جيراغ دايسي من "إميا ميديا" وحاورهم عمر توم من دكان ميديا.

وأكد المتحدثون أن المستمعين في المنطقة يقضون وقتًا أطول في الاستماع إلى البودكاست مقارنة بالمتوسط العالمي للاستماع. ومع ذلك ، عندما يتعلق الأمر بالعلامات التجارية التي تستثمر في المحتوى الصوتي ، فإن المنطقة تتخلف عن الركب.

وقالت لمياء سلطاني إن عددًا متزايدًا من العلامات التجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مهتمة بالبودكاست. على الرغم من أن الاستثمار من قبل العلامات التجارية في المحتوى الصوتي في المنطقة قد تأخر دائمًا عن المتوسط العالمي ، إلا أنه من المقرر أن يتغير الوضع مع عمل أصحاب المصلحة لتثقيف العلامات التجارية حول فوائد الإعلان على البودكاست.

وقال – جيراغ دايسي، إن البث الصوتي يمثل وسائط لا مركزية تضم مجموعة كبيرة ومتنوعة من الشركات المستقلة في المجالات التكنولوجية والإبداعية، مشيرا إلى أن هناك عددا أقل من العوائق التي تحول دون الدخول في البث الصوتي للشركات المستقلة مقارنة بقطاعات المحتوى الصوتي الأخرى مثل الراديو، والتي تنطوي على تكاليف عالية للترخيص والمعدات. واضاف أن هناك نسخة متقدمة جديدة من البودكاست تظهر في جميع أنحاء العالم ، والتي تتميز بابتكارات مثيرة، حيث تشمل هذه الابتكارات التقنيات التي تمنح الجمهور القدرة على تسديد مبالغ مالية صغيرة لمقدمي البودكاست، حيث أصبحت هذه الميزات الجديدة ممكنة بفضل الطبيعة اللامركزية للبودكاست ، والتي تسمح للاعبين المستقلين بالتوسع والابتكار.

الحصان الرابح
وفي محاولة لرصد موقع البودكاست من خارطة الإعلام في المنطقة العربية، تناول المشاركون في جلسة "المحتوى الصوتي.. هل يكون الحصان الرابح في سباق الإعلام الرقمي؟" مقاربة مهنية بين صناعة المحتوى الصوتي والبودكاست وقنوات البث التلفزيوني، وهل يتكامل كل منهما مع الآخر أم يتنافسان، وما هي المميزات التي ترجح كفة كل منهما لدى الجمهور.

وتحدث في الجلسة مجموعة من الإعلاميين العرب الذين خاضوا تجربة التقديم التلفزيوني والتقديم عبر البودكاست وهم: راوية العلمي، من قناة العربية مقدمة بودكاست "كلام منطقي"، و هبة السمت من منصة "أوان الرقمية"، و ليلى العوف من قناة أخبار الآن، و باسم كامل من بودكاست سكاي نيوز عربية، فيما أدار الجلسة الإعلامي نور الدين يوسف.

وأكدت الإعلامية ليلى عوف من "العربية بودكاست" أن الخدمة الجديدة التي تأسست في مارس 2021 جاءت تماشيا مع التوسع العالمي والاهتمام بالبودكاست في السنوات الأخيرة، حيث سعت "العربية بودكاست" إلى إنتاج محتوى عربي يصل إلى قواعد جماهيرية جديدة، من خلال مجموعة جديدة ومتنوعة من البرامج المتخصصة بالاقتصاد والسياسة والمجتمع والفن، فضلا عن نشرات متخصصة في مجالات مختلفة وغيرها والتي تهم المستمع العربي أينما كان وفي أي وقت.
من ناحيتها، قالت هبة السمت إن منصة "أوان" الرقمية شكلت منذ إطلاقها إضافة حقيقية في عالم بث المحتوى الرقمي والصوتي والبصري في المنطقة، حيث تعتبر المنصة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تضم جميع خدمات بث المحتوى الرقمي تحت مظلة واحدة مثل البث الحي، الفيديو حسب الطلب، والمحتوى المشفر، مشيرة إلى أن منصة «آوان» حققت منذ إطلاقها تفاعلاً كبيراً من قبل الجمهور.

وقال باسم كامل إن سكاي نيوز عربية حرصت على تحقيق الريادة في مجال الإنتاج الرقمي والتفاعل مع جمهورها.. وفي هذا السياق دخلت سكاي نيوز عربية مجال إنتاج البودكاست بشكل وضعها في مكانة متقدمة على مستوى الشرق الأوسط من حيث كم الإنتاج وتنوعه وتفاعل المتلقين بالاستماع والتحميل اللذين بلغا أرقاماً متميزة تعكس هذا التفوق. وقالت ليلى العوف إن تجربتها في مجال تقديم البودكاست حققت نتائج إيجابية، حيث لمست مدى التفاعل الكبير للجمهور مع هذه الخدمة الإعلامية الجديدة، متوقعة أن تكون صناعة البودكاست الحصان الرابح في عالم الإعلام الرقمي مستقبلا.

وفي جلسة "نحن والموسيقى"، تحدثت رانا داوود، مُعدّة ومُقدّمة بودكاست "دُم تك" على منصة "صوت" الرقمية، حيث قدمت لمحة عن رحلة بودكاست "دم تك" منذ انطلاقه منتصف العام 2019 وعبر مواسمه الستّة، واستعرضت كذلك فكرة الموسم السابع الذي سينطلق نهاية العالم الجاري، والتي تتمحور حول العلاقة مع الأعمال الفنية، خاصة الموسيقية، والكيفية التي يتلقى بها الناس تلك الأعمال انطلاقاً من تجاربهم ومشاعرهم الخاصة والمواقف المرتبطة بتلك الأعمال، حيث تكتسب الألحان والكلمات بُعداً آخر يعبّر عما يمر به الإنسان من تجارب سارة أو محزنة.

وقالت داوود: "إن لكل إنسان تفسيره الخاص للأعمال الغنائية التي يفضّلها أو ينفر منها البعض وهو ما يتم العمل عليه حالياً للموسم الجديد من "دم تك" الذي يوثّق هذه التجارب في سلسلة بودكاست جديدة". كذلك تحدثت عن استراتيّجيّة "صوت" التحريريّة التي تعتمد التجريب في عملها، متحرّرة من أي قيود فرضتها منصّات أخرى، لتكون أكثر مراعاة لتنوّع اللهجات والهويات عبر برامجها المختلفة.

وأعربت رنا داوود عن تقديرها لنادي دبي للصحافة و"دبي بودفست"، مؤكدةً سعادتها بالعودة مرة أخرى إلى دبي التي اكتشفت فيها بداية رحلتها مع عالم البودكاست من خلال دراستها في كلية محمد بن راشد للإعلام، حيث كانت أولى تجاربها مع هذا العالم الجديد. واستعرضت داوود مراحل مختلفة مر بها تأسيس "دوم تك" منذ بدايتها مع الحلقة الأولى التي تناولت حياة الفنانة اللبنانية "نهاوند" واللحظة الفارقة التي حولت مسار حياتها في اتجاه عالم الفن. وأشارت إلى تبني البودكاست "دوم تك" والذي يركز في مجمله على موضوعات متنوعة متعلقة بالفن وتحديداً الموسيقى، لأسلوب المونولوج في مواسمه الخمسة الأولى، فيما اعتمد النمط الحواري في موسمه السادس.

وقالت رنا داوود إن فريق "دوم تك" يتكون من 23 شخص يعملون في مختلف أنحاء المنطقة، منوهة بنجاح البودكاست خلال مواسمه الستة في بناء قاعدة جماهيرية كبيرة، إذ تمكن مؤخرا من عبور علامة مليون و600 ألف استماع، ليكون بذلك في المرتبة الثانية بين برامج الصوت الأصلية في العالم العربي.

واستعرضت المتحدثة الموضوعات التي ركز عليها بودكاست "دوم تك" في مواسمه الستة الماضية، والتي تناولت في الموسم الأول سير ذاتية لفنانات عربيات لم ينلن حظهن من الشهرة، وفي الثاني أنماط موسيقية غربية في العالم العربي، والثالث، الألحان المرتبطة بشهر رمضان، وفي الموسم الرابع: موسيقى الهويات الجمعية لثقافات لا يعرف عنها المستمع العادي الكثير من المعلومات، في حين تناول الموسم الخامس من البودكاست موسيقى الحشود، مثل الموسيقى المتعلقة بهتافات جماهير عشاق كرة القدم، واستضاف الموسم السادس فنانين صاعدين في دول عربية عدة، في حين من المنتظر أن يركز الموسم السابع الذي سينطلق مع بداية العام المقبل، على علاقة الناس بالموسيقى بأسلوب تدويني ذاتي.

اشتري مني
واختتمت الدورة الثانية لـ "دبي بودفست" بجلسة بعنوان "اشتري مني – لايف" وهو نفس عنوان البودكاست الذي يقدمه الثلاثي بدر نور وجمال رمزي وعبد الرحمن محمد، ويعتمدون في ما يقدمونه من محتوى صوتي على الارتجال في تناول العديد من الموضوعات والظواهر الخاصة بصناعة المحتوى الصوتي في إطار ساخر.

وقدم بدر نور وعبد الرحمن محمد شرحا لمعنى "اشتري مني" وهو مصطلح في العامية المصرية يعني "صدقني فيما أقول"، وتحدثا عن تجربتهم الفريدة التي بدأت كشكل من أشكال الدعابة والهواية بين الأصدقاء الثلاثة، وما لبثت أن تحولت إلى سياقها الاحترافي بعد أن ذاع سيط البودكاست الخاص بهم، وانتشر في العديد من دول العالم، حتى خارج نطاق العالم العربي.

وقال المتحدثان أن أسلوب الارتجال والفكاهة الذين اعتمدوه كشكل مميز لمدونتهم الصوتية جذبت أعداد كبيرة فاقت ما كانوا يتوقعوه من المتابعين، حيث جذب هذا الأسلوب المتميز متابعين من أكثر من 112 دولة حول العالم، ما حفزهم على الاستمرار وتبني أسلوب أكثر احترافية وتأسيس الاستوديو الخاص بهم لإنتاج البودكاست الذي يتناول العديد من الموضوعات التي تلامس حياة الناس اليومية، وبشكل مرتجل غير مخطط له مسبقا، عكس العرض الكوميدي الحي الذي يقدمونه على المسرح في حضور الجمهور والذي يستدعي الإعداد له وكتابة النص بصورة مسبقة قبل الصعود إلى خشبة المسرح.

For an optimal experience please
rotate your device to portrait mode