مارس 27, 2019
الأكاديمي الكويتي الدكتور عايد المناع يقدم جلسة بعنوان خطاب التحريض
مع انطلاق منتدى الإعلام العربي الـ18 في دبي
د. عايد المناع: " خطاب التحريض ظاهرة خطيرة تتهدد المجتمعات العربية ومقدمة مؤرّقة للعنف والإرهاب"
"وسائل الإعلام العربية مطالبة بوضع معايير واضحة لنبذ خطابات التحريض والكراهية وإشاعة ثقافة التسامح"
الاعتداء الإرهابي الغاشم في نيوزيلندا يجسد النتائج المدمرة لخطاب الكراهية والتحريض على العنف"
ضمن الجلسات الصباحية لليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي الذي انطلقت أعمال دورته الثامنة عشرة اليوم في دبي تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الزوراء حاكم دبي، رعاه الله، استعرض الأكاديمي والمحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع في جلسة بعنوان "خطاب التحريض"، الأشكال المتعددة لهذه الظاهرة التي وصفها بالخطيرة بما في ذلك التحريض السياسي والديني والعرقي التي يستخدمها البعض وبشكل خاص المتطرفين لتحقيق أغراض وأهداف خاصة مشبوهة تخدم مصالحهم الذاتية أو تروج لأجندات خاصة بغايات خبيثة لا تهدف إلا للدمار والخراب.
واعتبر الدكتور المناع أن ظاهرة التحريض باتت تمثل تهديدا حقيقيا وخطورة شديدة ومؤرقة على المجتمعات العربية، مشيرا إلى أن خطاب التحريض والكراهية اتّسع وتشعّب وانتشر بشكل كبير، وأصبح سببا رئيسا للعديد من العمليات الإرهابية والتفجيرات الانتحارية التي يروح ضحيتها عشرات الأبرياء بما في ذلك الأطفال والنساء والكبار السن.
وفي حديثه أمام لفيف من قيادات العمل الإعلامي العربي والعالمي، قال المناع إن التحريض هو الأساس لخطاب الكراهية، وعرّف التحريض بأنه الحث على القيام بقول أو فعل مضاد للآخر، ويكون موجهاً ضد مجموعة أو طائفة معينة للنيل منها وإضعافها، مضيفا أن هناك نوعين رئيسيين من التحريض، خاص وعام. أما الخاص فهو الموجه ضد فرد أو مجموعة، في حين أن التحريض العام هو الموجه ضد الأمة والمجتمع بشكل عام.
وأكد المناع أن التحريض بكل أنواعه سواء السياسي والعرقي والديني يؤدي إلى انتشار العنف بجميع أشكاله في المجتمع ضد مجموعة بعينها، موضحا أن ما حدث مؤخرا في الاعتداء الإرهابي الغاشم المتمثل في مذبحة المسجدين في نيوزيلندا هو أوضح مثال على النتائج المدمرة لخطاب التحريض والكراهية.
وتطرق المتحدّث إلى الموقف المشرّف لرئيسة وزراء نيوزيلندا عقب الحادث الأليم، حيث أشاد بتعاملها الراقي مع أقارب الضحايا وتطمينهم وتهدئة مخاوفهم، علاوة على ما قدمته من رسائل تعاطف مع الضحايا وتأكيد على أن بلادها تنبذ العنف بكافة أشكاله، فضلا عن تضامن غالبية المجتمع النيوزيلندي مع المهاجرين من المسلمين، وحرصهم على تعبيرهم عن ذلك التضامن بشتى الصور، واصفا خطاب رئيسة الوزراء هناك بأنه جاء مناهضا لخطاب التحريض والكراهية الذي ساد بعض المجتمعات الغربية ضد المسلمين.
وانتقل المناع للحديث عن نوع آخر من التحريض في المجتمعات الغربية ضد العمالة العربية، حيث أشار إلى التمييز الذي تتعرض له هذه العمالة باعتبار أنها تساهم في زيادة معدلات البطالة بين الأوروبيين، مؤكدا أن خطاب الكراهية يتنافى مع كافة القيم الإنسانية للمجتمعات المتحضرة.
وتحدث المناع عن التحريض الديني، وما ينتج عنه من عنف وإرهاب تحت ستار الدين، بهدف تحقيق أهداف سياسية، ضاربا مثالا على ذلك بتنظيم "داعش" المتطرف الذي استغل الدين لاستدراج الأشخاص وخصوصا الشباب للقيام بأعمال عنف وإرهاب بل وتدمير المجتمعات. واعتبر المناع أن الحروب "الصليبية" نجمت أيضا عن التحريض الديني، حيث كان بعض قادتها يستخدمون ستار الدين كمبرر لتلك الحرب.
ودعا المحلل الكويتي وسائل الإعلام العربية إلى وضع معايير وأسس دقيقة وواضحة لكشف وفضح ونبذ خطابات التحريض والكراهية والتمييز بكافة أشكاله في جميع وسائل الإعلام العربي، وذلك للحد من ثقافة البُغض والعنف، ولبناء ثقافة جديدة تروّج للتوافق الوطني والترابط المجتمعي والولاء للوطن، وتدعم إعادة بناء القدرات العربية على أساس المواطنة واحترام القانون وإشاعة ثقافة التسامح وترسيخ دعائم الوحدة الوطنية.