سبتمبر 26, 2023
الاعلام العربي في عصر الذكاء الاصطناعي
- "الإعلام العربي في عصر الذكاء الاصطناعي" نقاش استشرف مستقبل القطاع ودور المؤسسات للاستفادة من إيجابيات التكنولوجيا
- الجلسة أكدت أهمية استخدامه لإنتاج محتوى نوعي وضرورة مواجهة تحدياته السلبية
ــ منى بوسمرة: "هناك مؤسسات إعلامية عربية لم تتقدم خطوة في تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتواها"
ــ د. ابتسام المزروعي: جهود كبيرة تبذلها الإمارات للمساهمة في تعزيز استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي
ــ د. نزار حبش: مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي يُبشّر بإنجازات كبيرة السنوات المقبلة
ناقشت جلسة "الإعلام العربي في عصر الذكاء الاصطناعي" ضمن فعاليات اليوم الأول من منتدى الإعلام العربي في دورته الـ21، بشعار "مستقبل الإعلام العربي"، تأثير التسارع التقني الكبير على القطاع والتحديات التي تواجهه، وصولاً إلى الخطوات الاستشرافية، التي يجب على المؤسسات الإعلامية في العالم العربي اتباعها، وذلك لمواكبة المتغيرات السريعة التي تحدث، وتؤثر على المحتوى الذي يتم تقديمه، خاصة من ناحية الجودة والجاذبية، التي أصبح يفضلها القراء والمتابعون، علماً أن التقارير العالمية تقدر أن نحو 60% من المنتج الإعلامي العالمي، سيستعين بهذه التقنيات، التي ستعزز من القدرات الإبداعية وتوفر الوقت والأموال.
واستضافت الجلسة منى بوسمرة رئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم"، والدكتورة ابتسام المزروعي المدير التنفيذي في "معهد الابتكار التكنولوجي" في أبوظبي، والدكتور نزار حبش خبير علوم الحاسوب بـ"جامعة نيويورك أبوظبي"، وأدارها سامي قاسمي الإعلامي في قناة سكاي نيوز عربية.
استنفار عالمي
وأوضحت منى بوسمرة أن ثورة استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام أصبحت أمراً واقعاً، لا يمكن تجاهله أو حتى التباطؤ في استخدام تقنياته ومفرداته الذكية من مختلف المؤسسات الإعلامية، وأن هناك استنفاراً عالمياً لتعزيز الاستفادة منه في كافة المجالات والقطاعات، مشيرة إلى أن الإعلام العربي انتقل من المرحلة الرقمية ليصل إلى استخدام الخوارزميات حالياً في انتاج المحتوى النوعي الذي يتطلع إليه القراء.
وذكرت "أنه ما زالت هناك مؤسسات إعلامية عربية لم تتقدم خطوات نوعية في تعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتواها، بل الأكثر من ذلك أن البعض منها ما زال حتى الآن غير مواكب للتطور الرقمي في قطاع الصحافة، حيث تم تجاوز هذه المرحلة منذ فترة"، موضحة أن ذلك يبعث على القلق بشأن أهمية متابعة التطورات التقنية الحديثة، والتي تنعكس إيجاباً على المحتوى، فيما لفتت إلى بعض التقارير التي أصدرتها جامعات إماراتية بهذا الصدد وأشارت إلى أنه ما زال هناك تباطؤ لدى بعض المؤسسات المحلية، في متابعة هذه التكنولوجية الجديدة، رغم الجهود والإنجازات الكبيرة التي حققتها الدولة في هذا الشأن، ما يلقي عبئاً كبيراً على مسؤولي هذه المؤسسات للحاق بهذه التطورات".
تحليل بيانات
وتطرقت بوسمرة إلى تجربة صحيفة "الإمارات اليوم" لتعزيز تأثير الذكاء الاصطناعي بما يعود إيجاباً على تطوير المحتوى، وأنها "نفذت خطوات ناجحة في هذا الشأن، لترسيخ نهج واستخدامات الذكاء الاصطناعي لديها، حيث تم تطوير أدوات لتحليل البيانات الخاصة بمعرفة توجهات القراء، وفهم سلوكياتهم ومتطلباتهم في المحتوى الذي يرغبون به، ومن ثمّ توفيره لهم"، بالإضافة إلى استخدام تقنية تنبيه القراء لأهم وأبرز الأخبار المهمة، وصولاً إلى جدولة بعض الأخبار لنشرها في توقيتات محددة، فيما ينعكس ذلك على تجربة القراء وجعلها ثرية ومفيدة وسهلة.
وأكدت "أن الذكاء الاصطناعي له تأثير كبير على قطاع الإعلام من خلال تطوير النماذج اللغوية والصور التي يتم استخدامها لتوليد المحتوى بشكل آلي، وأنها ترى بأنه ومع التوسع في استخدام هذه التقنيات، فإن هناك تحديات يجب الانتباه إليه ومعالجتها بشكل سريع"، وفي مقدمتها "عدم موثوقية بعض الأخبار خاصة تلك التي تفتقد إلى مصدر، فضلاً عن أن هذه التكنولوجيا الجديدة تجعل من التحيز لموضوعات وأراء واتجاهات بعينها أمراً واقعاً يفيد توجه بعض الجهات والمؤسسات الإعلامية"، وهو أمر يجب الانتباه إليه جيداً، لافتة إلى "أهمية تطوير المؤسسات الإعلامية والصحفيين من قدراتهم بشكل سريع لمواكبة هذا الزخم التقني المتصاعد لحظياً".
جهود كبيرة
من ناحيتها قالت ابتسام المزروعي "إن معهد الابتكار التكنولوجي يبذل جهوداً كبيرة للمساهمة في تعزيز استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال دعم عملية دمجه في مختلف القطاعات"، ومن بينها إطلاق تطبيق "نور"، أكبر نموذج معالجة طبيعية للغة العربية في العالم، ويشمل 10 مليارات عامل متغيّر، والتي تجمع بين بيانات الويب والكتب، والشعر والمواد الإخبارية والمعلومات التقنية، بالإضافة إلى نجاحهم في تدريب النموذج اللغوي للذكاء الاصطناعي "فالكون 40 بي" الذي يضم 40 مليار عامل متغير ومتاح، حيث تم تدريبه على تريليون رمز على منصة "أمازون سيجاميكر".
وأفادت المزروعي "أن الإمارات أصبحت سباقة في تعزيز استخدامات الذكاء الاصطناعي، ومواكبة المستجدات العالمية في هذا الشأن لإفادة كافة القطاعات ومن بينها الإعلام وتطوير محتواه بما يتناسب مع متطلبات المتابعين"، خاصة أننا مقبلون خلال سنوات قليلة على ثورة إعلامية جديدة تتوافق مع التقنيات التي ستوفرها الثورة المعلوماتية وعلم البيانات.
وشرحت "أنه يجب على المؤسسات الإعلامية أن توفر لمحتواها بصمته وهويته الخاصة، التي تعتمد الذكاء الاصطناعي نهجاً له، حتى تنال ثقة جمهور القراء والمتابعين"، خاصة أن هذا التطور لن يقف عند مرحلة انتاج و كتابة الأخبار والمقالات فقط، بل سيتعداها ليصل إلى توفير محتوى إعلامي يناسب اهتمامات كل شخص وبحسب ما يرغب به ويريده، لافتة في الوقت ذاته "إلى أنه وفي ظل هذه الثورة الرقمية، فإنه لا توجد ضمانات على حماية البيانات والمعلومات، حيث دائماً هناك مخاطر محتملة، فيما يجب على المؤسسات المعنية وضع أطرها الحمائية اللازمة والتي تحافظ على محتواها من التشويه والقرصنة".
محتوى نوعي
وذكر د. نزار حبش "أن ديناميكية البيانات التي يمتلكها الذكاء الاصطناعي، استطاعت أن تفيد كثيراً في انتاج محتوى صحفي خالٍ من الأخطاء اللغوية عند الصياغة باللغة العربية"، حيث أن 80% منها تم تجنبها باستخدام التقنيات الذكية الجديدة، ما ينعكس على جودة المحتوى، خاصة وكما هو معروف أن اللغة العربية، ثرية وتحمل من الصعوبة في الصياغة التي ترتبط بقواعد النحو والصرف الكثير، ولذلك فإن الوصول إلى هذه النسب المتحققة يعد إنجازا مهما.
وأضاف "أن هناك العديد من المشاريع التقنية المشابهة التي يتم العمل عليها خلال الفترة المقبلة، والتي تحتاج إلى الدعم والتدريب، وتطوير الكوادر والكفاءات للقيام عليها وإنجازها بالشكل اللائق والمفيد للعاملين في قطاع الإعلام"، معتبراً أن مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا الشأن، جيد ومبشر بكثير من الإنجازات خلال السنوات القليلة المقبلة.
وتطرق حبش إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يتباين تهديدها لدور وأهمية الصحفيين والإعلاميين، وأنه يجب عليهم الاستفادة من مهاراتهم لزيادة مردود هذه التكنولوجيا على منتجهم ومحتواهم المعرفي، معتبراً "أن أدوات الذكاء الاصطناعي تكون غبية وذكية بحسب الشخص التي يستخدمها ويضيف إليها، ولذلك فإن لها سلاحاً ذو حدين، يجب على الإعلاميين الانتباه إليه".
مستقبل الإعلام
ويُسلط منتدى الإعلام العربي في دورته الحادية والعشرين، المقام تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ويحمل شعار "مستقبل الإعلام العربي"، الضوء على واقع الإعلام العربي ومدى تأثره بالاتجاهات الإعلامية الحديثة ولا سيما تلك المتعلقة بظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي ودخولها في صلب العمل الإعلامي العربي، وكيفية تعزيز الإسهام الإيجابي للإعلام العربي في صنع مستقبل أفضل لعالمنا العربي.
ويضم منتدى الإعلام العربي هذا العام أكثر من 75 جلسة وبمشاركة 130 متحدثاً و160 مؤسسة إعلامية، يشاركون جميعاً في رسم مستقبل الإعلام العربي، بهدف عرض التجارب الملهمة طرح الرؤى حول مستقبل الإعلام وتبادل الخبرات والأفكار والتجارب التي تسهم في استشراف مستقبل الإعلام العربي، وذلك من خلال مجموعة كبيرة ومتنوعة من ورش العمل والجلسات النقاشية والفعاليات التي تركز على أحدث الاتجاهات الإعلامية، من أجل تقديم حلول مبتكرة لمواكبة المتغيرات العالمية، فيما يرحب المنتدى هذا العام بما يزيد على 200 من شخصية إعلامية من 16 دولة من مختلف أنحاء المنطقة والعالم.



