مارس 27, 2019

الرئيس التنفيذي لــ"فرانس برس" يتحدث في جلسة مستقبل وكالات الأنباء

في مستهل فعاليات الدورة الثامنة عشرة من منتدى الإعلام العربي

الرئيس التنفيذي لــ"فرانس برس" يؤكد أهمية دور وكالات الأنباء في عصر المعلومات المضللة

وكالات الأنباء لم تعد المصدر الأول والحصري للأخبار ولكنها المصدر الأكثر موثوقية

شركات التقنية العملاقة أصبحت المصدر الأكثر انتشاراً للأخبار

الضغوط المالية لعمليات إعادة الهيكلة وترشيد النفقات عوائق تكبّل بعض وكالات الأنباء وتحد من فاعليتها

 

خلال الجلسة الرئيسة لمنتدى الإعلام العربي 2019 التي بدأت أعماله اليوم في دبي، أكد فابريس فريس، رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لوكالة الصحافة الفرنسية، أن دور وكالات الأنباء كمصدر أساسي للمعلومات الموثوقة بات أكثر أهمية في الوقت الحالي في ظل الموجات المتلاحقة للمعلومات المضللة والأكاذيب التي تنطلق غالباً من منصات الوسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف فريس أنه على الرغم من فقدان الميزة النسبية الكبيرة المتمثلة في احتكار وكالات الانباء لوصف "المصدر الأول والوحيد للأخبار" على مدى قرن ونصف من الزمان وتنازلها عنه مضطرة لشركات التقنية الكبرى، إلا انها لم تفقد الكثير جراء هذه المنافسة الشرسة وذلك بفضل ميزة الموثوقية التي اكتسبتها وكالات الانباء بفضل الآلية المتكاملة التي تتبعها للتحقق من الأخبار.

وأرجع فريس الأهمية المتزايدة لعنصر الموثوقية إلى موجات المد المتزايدة من الأخبار المزيفة والمضللة والتي أرخت بسدولها لتغطي وجه الحقيقة في كافة أرجاء العالم، حتى باتت وكأنها منظومة إعلامية متكاملة تعمل في الظل ضد الإعلام النزيه، ما حدا بوكالة الصحافة الفرنسية التي تعد أقدم وكالة أنباء في العالم- إذ تأسست في باريس في العام 1835- بوضع محاربة الاخبار المزيفة ضمن أولوياتها وفي قلب أهدافها الاستراتيجية، لافتاً الى ان انتشار هذه الأخبار وتداعياتها السلبية لم تتضح بعد على النحو الأكمل بل ظهر منها ما يمكن ان نطلق عليه "قمة جبل الجليد".

وقال فريس أن الوكالة وعلى مدار تاريخها الطويل اعتادت نشر الأخبار والتقارير عن الحقائق فقط وليس الشائعات، ولكن ذلك لم يعد كافياً في الوقت الحالي لذلك بدأت في بذل جهوداً مضاعفة للعمل على فضح الزيف ومجابهة الأكاذيب والحقائق المشوهة ما يعد تغييراً جوهرياً في آلية عمل الوكالة بغية تلبية متطلبات المرحلة الراهنة، لافتاً أن عملية التأكد من صحة المعلومات تتطلب وجود صحافيين في الميدان ومختصين في تقنية المعلومات.

وأكد فريس أن الجهد المبذول في كشف الأكاذيب والافتراءات ربما يفوق حجم العمل الصحافي نفسه، لافتاً إلى ذلك التغيير المهم في طبيعة العمل الصحافي لوكالات الأنباء والتي باتت مطالبة بتحري الأخبار والحقائق وتدقيقها بدلاً من مجرد جمعها وعرضها حيث أصبح من الضروري أن يتمتع الصحافيون بالمعرفة الأساسية حول آليات عملية التحقق من المعلومات، فضلاً عن استخدام فريق من المختصين في التقنيات المصممة لاكتشاف الصور المزيفة والمركبة.

وأشار فريس أن حجم التحديات المرتبطة بعملية التحقق من المصداقية كبير جداً لذلك قامت وكالة الصحافة الفرنسية بعقد شراكة استراتيجية مع "فيسبوك" للتأكد من مصداقية المحتوى المنشور على موقع التواصل الاجتماعي الشهير في 20 دولة وبأربعة لغات هي: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية.

وتسلك المواضيع، التي تُعالِج في جزء منها مضامين يتمّ تداولها على "فيسبوك"، المسار نفسه في التحرير والنشر الذي تعتمده وكالة "فرانس برس" في كل إنتاجها، وتقوم الوكالة باختيار المواضيع بهدف التحقّق منها بشكل مستقلّ تماما إذ يقوم فريق العمل عبر التعاون مع صحافيي فرانس برس الميدانيين للتحقّق من الأخبار والصور ومقاطع الفيديو التي توجد شكوك في صحتها، فضلاً عن تقديم الخلفيات الإضافية الضرورية في بعض الأحيان، ومن ثم يقوم "فيسبوك" من خلال خوارزمية إدارة الأزمات المطورة للتعامل مع المحتوى المشكوك به بتقليل تقييم الاخبار والقصص التي تتأكد الوكالة من عدم صحتها ومن ثم يتم حذفها أو على الأقل الحد من انتشارها بنسبة تصل إلى 80%.

وانطلاقاً من هذه النقطة، أوضح الرئيس التنفيذي لوكالة الصحافة الفرنسية أن دور وكالات الانباء على وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي مهم ولا غنى عنه، ما يعد أرضاً جديدة وفضاءً رحباً للولوج بقوة في طوفان الإعلام الرقمي والقيام بدور فاعل لضبط إيقاع ما بات يعرف باسم إعلام الجماهير، منوهاً بقدرة الوكالات الصحافية الرائدة على تقديم دعم قوي لكبريات شركات تقنية المعلومات في هذا المجال.

كما لفت فريس إلى وجود أبعاد مختلفة للعلاقة بين وكالات الأنباء والشركات التقنية العملاقة لاسيما في الجانب المالي والتمويلي حيث تقوم منصات تجميع الاخبار في جوجل و"فيسبوك" كمنصة تواصل اجتماعي، باستخدام كم كبير من المحتوى الإخباري المنتج من خلال وكالات الأنباء بدون أي تصريح، لجذب الجمهور والمعلنين، ومع الأخذ في الاعتبار أن ثلثي المستخدمين عالميا يتابعون الاخبار عبر المنصات المطورة من قبل شركات التقنية الكبرى، معربا عن أسفه أن يقوم 50% من هؤلاء المستخدمين بالاكتفاء بقراءة العناوين دون زيارة الموقع الأصلي الذي تم نقل الخبر منه، ونتيجة لذلك تستحوذ شركات التقنية الكبرى على 90% من الإعلانات الرقمية ما يعنى ان الاستثمارات وكالات الأنباء لتطوير منصاتها الرقمية لن تكلل بالنجاح ما يوضح سبب الأزمات المالية التي تعاني منها المؤسسات الإعلامية حول العالم والتي ينتج عنها تطبيق سياسات تقليل النفقات.

وأعلن فريس أن البرلمان الأوربي أقر قانوناً يُشكّل بداية مبشرة لإصلاح وتنظيم عملية حقوق الملكية الفكرية للنصوص الصحافية حيث سيفرض على شركات تقنية المعلومات دفع جزء من العوائد المتحققة نتيجة لاستخدام المحتوى الخبري، مشدداً على عدم قدرة وكالات الأبناء على القيام بواجباتها في ظل الضغوط المالية التي تفرضها عمليات إعادة الهيكلة وسياسات ترشيد النفقات.

وعن الضغوط المالية التي تواجه وكالات الانباء والتي ترجع في الأساس إلى كبر حجم العمل، قال فابريس إن الوكالة الصحافة الفرنسية على سبيل المثال تنتج نحو 5000 آلاف نص، و3000 صورة، و250 مقطع فيديو في اليوم، وأكثر من 600 ساعة من التغطية الحية في الشهر وهو ما يتطلب موارد مالية كبيرة، مشدداً على أن الوكالة ونظراً لما تحظى به من شهرة كبيرة في مجال الصور الصحافية عالية الجودة تستثمر في الوقت الراهن في هذا المجال إضافة إلى عوائد بيع مقاطع الفيديو.

وفي نهاية الجلسة، شدد رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لوكالة الصحافة الفرنسية على أن مستقبل وكالات الأنباء يكمن في مقدرتها على تبني آليات قوية ومتكاملة للتحقق من صحة الاخبار كي تعزز موقعها الحالي كمصدر موثوق وعالي المصداقية بين فيض كبير من المستخدمين، علاوة على الاستثمار في نشر الثقافة الإعلامية بين الشباب والطلاب لاسيما عبر تطوير الشراكة مع المؤسسات التربوية والتعليمية.

ويشارك في الدورة الثامنة عشرة لمنتدى الإعلام العربي نحو 3000 من قيادات العمل الإعلامي العربي والعالمي والكتاب والمفكرين ورؤساء تحرير الصحف الإماراتية والعربية والقيادات التنفيذية لأهم الشبكات التلفزيونية والإذاعية في المنطقة العربية والأكاديميين المعنيين بالشأن الإعلامي.

For an optimal experience please
rotate your device to portrait mode